د.عبدالغني علي السبئي
الاربعاء 3 يناير 2018 الساعة 09:53
توقعات عام 2018 الاقتصادية
د.عبدالغني علي السبئي

 

 

الدكتور / عبدالغني علي السبئي

 

مقدمة

مع  إسدال الستار على عام 2017،تشهد سوق الأوراق المالية حالة من الرضا بين صغار المستثمرين في الوقت الحالي، الأمر الذي يدفعنا للتعبير عن القلق من تفاؤل المستثمرين، وهو نفس التفاؤل الذي اجتاح المستثمرين قبل أزمة 2008، وكأننا لم نتعلم من دروس الماضي، وتشهد حالياً أسواق الأسهم الأمريكية والعالمية مستويات قياسية منذ بداية العام المنصرم 2017، كما صعد “نيكي” الياباني لأعلى مستوى في 21 عاماً،        بالإضافة إلى مكاسب ملحوظة في البورصات الأوروبية والآسيوية، وهذا سببه برامج التحفيز والتيسير الكمي وارتفاع الدين العام لأرقام تاريخية، وأصبح بذلك الاقتصاد العالمي ليس حراً كما يدعي البعض، بل أصبح     مكبلا بالكثير من المعوقات المستقبلية، وبمعنى أخر الاقتصاد العالمي يعيش على التنفس الصناعي والمحاليل والتي هي برامج التحفيز والتيسير الكمي والديون.

والجدير بذكر إن “فقاعات الأصول” الناجمة عن تريليونات الدولارات التي قامت بضخها  البنوك المركزية للدول الكبري في الأسواق المالية عبر برامج للتيسير الكمي، قد يتسبب في أزمة اقتصادية عالمية جديدة، بل وشوهت الاقتصاد العالمي، وأن  المخاطر بدأت تلوح في الأفق حول ضعف المستوى المالي للفرد، مما سيكون له أثر كبير على ركود مقبل سيجتاح العالم بأسره.

وبالنسبة لمؤشرات العملات  كانت سنة 2017 سنة المؤشرات و العملات الرقمية بامتياز, تمحورت حول خمس مواضيع أساسية :

قانون الضرايب الأمريكي:  و الذي حرك السوق بشكل كبير و عند توقيعه لم يحدث فرق أبدا و لم يتحرك السوق أبدا.

منازعات كوريا الشمالية و أمريكا:  و التي أحدثت تحركات قوية بالذهب في بدايتها و لم يعد يتأثر أبدا بأي أحداث جديدة.

البريكست:   و خروج بريطانيا و مفاوضاتها مع الاتحاد الأوربي و التي أيضا باتت عقيمة في آخرها .

ثورة العملات الرقمية:  و التي سحبت السيولة من الفوركس و تم ضخها في العملات الرقمية .

الفائدة الأمريكية :  و التي أحدثت ضجة وقوة في الدولار قبل رفعها و بعد رفعها يهوي الدولار .

بإختصار إن تحرك السوق في 2017 كان مبني على التوقعات و الشائعات و غالبا ما كان السوق يسعر نفسه قبلها و عند حدوثها لم يكن يتأثر و لو بمقدار ذرة , بل بالعكس كان يتحرك عكس الاتجاه بعد حدوثها .

تحديات 2018 : ستكون سنة 2018 مليئة بالتحديات , أهمها العملات الرقمية و نهاية فقاعة ترمب .

بالتأكيد ستحاول البنوك و الدول محاربة العملات الرقمية لعدة أسباب , أهمها سحب بالسيولة من الأسواق     و عدم معرفة إلى أين تذهب و من أين تأتي , سيكون لنا حديث مفصل قريبا في مقال جديد 

( ثورة العملات الرقمية )

ما نحاول أن نقوله أن السيولة باتت ضعيفة في سوق السلع و العملات الأساسية و هذا ما شهدناه مؤخرا و هذا ما نتوقعه أيضا في سنة 2018 .

علينا أن نعترف أن التسارع التكنولوجي دائما هو المسيطر و إن العملات الرقمية هي من انجازات هذا التسارع و لا نستغرب قريبا و بحلول سنة 2020 ستكون العملات الرقمية هي العملات الأساسية و ستصدر كل دولة عملتها الخاصة .

لو حدث ما نتوقعه بالفعل فإن سنة 2018 ستكون سنة عديمة السيولة وخصوصا على الفوركس و السلع .

فتجهز لما هو قادم و قم بتحديث استراتيجياتك و توجهات استثماراتك , فإن لم تقم الدول وقفة واحدة بإصدار قوانين صارمة حول مستقبل العملات الرقمية فهذا غالبا كارثي لسوق الفوركس و السلع و خصوصا الذهب لإن ندرة البتكوين يوما ستكون أقوى من ندرة الذهب نفسه , لأن المعروض منه لا يمكن أن يزاد أبدا بخلاف الذهب .

 

توقعات الاقتصاد العالمي في  2018

من المتواقع  أن يشهد 2018 استمرار  زخم الناتج المحلي الإجمالي العالمي ،  ونموا مستقرا للاقتصاد العالمي في 2018، بنسبة تلامس 3.1%، مع ارتفاع النمو الاقتصادي في منطقة العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" بأعلى من  العام  2017، ومن المتوقع أن تقود المنطقة الاقتصادات المتقدمة الآخرى بنسبة نمو تبلغ 2.3%.

وتشير التوقعات بأن ينمو الاقتصاد الأمريكي الأكبر عالميا بنسبة 2.2% في العام الجديد، في حين من المتوقع تباطؤ اقتصاد المملكة المتحدة إلى 1.5% خلال  العام الجديد 2018م

أمريكا اللاتينية وتوقعات النمو

تتمتع الأسواق الناشئة أيضا بمعدلات نمو قوية، مدفوعة في ذلك بالطلب المرتفع، والسياسات الاقتصادية الحكيمة وتعافي أسعار السلع. وكما كان متوقع ارتفع النمو الاقتصادي في أمريكا اللاتينية بنسبة 1.1%  العام 2017،  وتشير التوقعات أن يقفز النمو إلى 2,5% في هذا العام 2018.

وتمثل دول شرقي أوروبا إضافة مفاجئة إلى صعود النمو العالمي، حيُث استقر نمو تلك الاقتصادات عند نسبة2.3 %  في 2017  ومن المتواقع أن  تستمر الاقتصادات الأسيوية الناشئة في قيادة دفة النمو بنسبة  5.9% في 2018.  

مخاطر عديدة

في الاقتصادات المتقدمة التي لا تزال تسجل مستويات تضخم منخفضة، تتطلع البنوك المركزية إلى المضي قدما في تشديد السياسات النقدية. 

وبينما كانت مواشرات آفاق النمو الاقتصادي في 2017- قويا، الا انه كان لزاما تشديد السياسة النقدية لدرء الركود الاقتصادي المقبل.

وثمة مخاطر عديدة من الممكن أن تزعزع الاستقرار الذي يشهده النمو العالمي في الوقت الراهن،  ومن بينها:

1-السياسات الفيدرالية المضللة من قبل الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأمريكي.

2- الهبوط الحاد للنمو في الصين.

3-الحمائية في الولايات المتحدة الأمريكية.

4-تذبذب أسعار النفط العالمية.

5-المخاطر الجيوسياسية.

6-تصحيح الأسواق المالية.

وقادة منطقة "اليورو" دفة النمو العالمي في 2017 عبر تطبيق سياسات نقدية مرنة وتشديد القيود على أسواق العمل، مما اسهم في النهاية في زيادة معدلات الاستهلاك.

ونظرا لإعتبا ر عدم اليقين السياسي مصدر القلق الرئيسي لـ آفاق النمو في 2017،  فإن المستجدات قد رفضت السياسات الشعبوية وعززت وجهة النظر الإيجابية.

ولا يزال عدم اليقين السياسي في الولايات المتحدة باعثا على القلق، لكن النمو الاقتصادي يتسارع بالفعل هناك،مدفوعا في ذلك بتنامي الاستهلاك وزيادة الاستثمارات، وبعض حزم الإنقاذ المالي.

تعافٍ متواضع في أسعار السلع

يتسم اقتصاد المملكة المتحدة بقدر من المرونة، لكنه يسجل تباطؤا طفيفا نتيجة تراجع معدلات الاستهلاك وانخفاض الاستثمارات. 

وتستفيد الاقتصادات الأسيوية المتقدمة كثيرا من القفزة التي تشدها التجارة العالمية.

وتعطي تدفقات التجارة العالمية القوية أيضا دفعة قوية للأسواق الناشئة، كما يساعد التعافي المتواضع في أسعار السلع الأسواق المصدرة للسلع. 

وعلاوة على ذلك يمنح الآفاق الاقتصادي القوي ثقة لمعظم مناطق العالم في أن تشديد السياسات النقدية بصورة تدريجية من جانب   الاحتياطي الفيدرالي مسألة ضرورية ولا غنى عنها في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.  

وفي الصين فإنه من المتوقع أن يسهم النمو الاقتصادي المتباطئ في تقويض النمو بصورة طفيفة في عديد من الأسواق الناشئة في هذاالعام 2018.

إجراء التوازن

تشديد السياسة النقدية التي  انتهجها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والذي من المتوقع أن يحذو حذوها البنك المركزي الأوروبي، سيمهد السبيل أمام استخدام أدوات ضرورية مثل رفع أسعار الفائدة.

وستتم تلك العملية بصورة تدريجية، لكن عند مرحلة ما، سيصبح تسريع وتيرتها ضرورة حتمية. فتشديد السياسة النقدية يخلق أدوات مهمة لمواجهة الركود المقبل.

وفي الوقت ذاته، ينبغي تفادي تسريع الركود المقبل عبر تشديد السياسة النقدية.

 ملاحظة : وسوف يخصص مقال اخر يتناول توقعات للتحركات الأساسية للعملة الأقوى عالميا