عبير عتيق
الثلاثاء 20 مارس 2018 الساعة 00:26
مستقبلنا والوجع إلى من يهمه الأمر؟
عبير عتيق
 
سأتحدث عن شيء هو الوجع الأساسي بالنسبة لي وللكثير ..
" التعليم" جميعنا يعلم الضرر الذي لحق به خلال السنوات الثلاث الأخيرة ، لم يَسلم المعلم ولا الطالب ولا الحَرم العلمي، وما زال التدهور ملحوظاً ومستمراً بسبب التجهيل والاستهتار .
كنت أتمنى أن تكون البندقية والدبابة بعيدتان عن تدمير المستقبل..
كنت أتمنى أن يجد تجار الحروب مُتنفساً للموت بعيداً عن كل ما يتعلق بأجيال اليمن القادمة..
الجيل الذي سيبني بكل حب وإخلاص ، الذي سيمحو آثار الحزن ويزرع بساتيناً من الأمل..
الجيل الذي نُراهن أمام العالم على قوة عَزمِه وإصراره لتحقيق حُلمه من أجل الوطن ، من سيجعل يمنّا سعيداً لأنه يُدرك قيمتها ويعي جيداً كيف يَتحد ليُغلق باباً تأتي منه الآلام، باباً إذا فُتح سيبكي الجميع مجدداً..
جيل عاش الحرب ورأى الدماء قادر على إحياء السلام للأبد وألا يُفرط فيه، لأنه يعلم معنى أن تنام آمناً في وطنك لتستيقظ شامخاً وتنطلق لتشييده.
 
للأسف أصبح التعليم ضحية تُذبح في عَصرِنا، فالرسالة الطاغية اليوم؛ مفادها لا للتعليم، لا للحياة..
المواطن اليمني في الداخل يُعاني الأمرّين لأجل أن يتعلّم، والمغترب اليمني في الخارج ممن شرّدته الحرب لم يَسلم أيضاً..
 
نحاول بمجهود ذاتي ألا نستسلم وأن نَخلق فُرصاً جديدة نستطيع بها أن نُقدم شيئاً من الأمل لأرضنا.
أن نُشارك غداً في مسيرة بناءه ونهضته ليرقى بين الشعوب والأوطان رغم الصعوبات التي تعترضنا، ولكن يداً واحدة لا تُصفق لابد من تكاتف الجهود بين المواطن والقيادة.
 
ننام ونستيقظ على نفس الشبح ومن هم في موقع المسؤولية إما أنهم غير مُبالين أو أنهم لا يبذلون الجهد المطلوب.
استيقظوا فالميليشيا الهمجية تسعى لتدمير التعليم في اليمن بكل ما استطاعت من قوة، وهذا الأمر ستترتب عليه كارثة كبيرة مستقبلاً لن تُعالج بسهولة.
 
ومن هذا المنطلق أوجه ندائي للحكومة الشرعية والتحالف العربي والمنظمات والأمم المتحدة وكل من هو معني بالدفاع عن حقوق الطفل والإنسان أن يُولوا اهتماماً مُضاعفاً لحماية التعليم في اليمن وإبعاده عن الصراع القائم، بالإضافة إلى منح أبناء الشعب اليمني ودعمه بالحصول على منح دراسية متنوعة.
 
وأخص بالنداء فخامة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، ورئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، ووزير التعليم العالي
بأن يجدوا حلاً جذرياً لوضع الطالب اليمني في الداخل والخارج.
على وجه التحديد خريجي الثانوية العامة من المتفوقين باستكمال ابتعاثهم ودعمهم فهم الوجه المشرق لليمن وأن تسعى القيادة بكل الطرق لتوفير هذه المنح وعدم التفريط بها دعماً للطالب اليمني المتفوق الذي يسعى لتحقيق طموحه وأحلامه في دربه نحو إعمار الوطن؛ فالحرب تستنزف كل شيء فيه فلا تُلهيكم عن واجبكم الأساسي فتُهملوا الاستثمار البشري الذي سيكون معول البناء وطوق نجاة السعيدة مستقبلاً.
 
لا أُخفي عليكم أنني تعرضت للظُلم في هذا الجانب ولا أتمنى أن يلحق الظُلم بإخوتي الطلاب وأتمنى لهم الخير. 
فها قد مر عامين على تخرجي من الثانوية العامة بتقدير امتياز والحمدلله وحصلت على معدل 99.06 القسم العلمي، وسعيت جاهدةً في الحصول على حقي بمنحة دراسية تتوفر لي بها فرصة التعليم بجودة عالية و البيئة المناسبة للاجتهاد والعطاء.
ولكن لا أدري ما سبب هذا التعثر والمماطلة العجيبة التي للأسف تعكس عدم الاهتمام بمستقبل الطالب الذي اجتهد وسهر الليالي طامحاً في الحصول على مستقبل أفضل حاملاً لوطنه الخير ، وهذا ما يُشعرني بالحزن ، وما يزيدني حزناً أن تُمنح هذه الفُرص الذهبية لمن لا يستحقها وكأن الأمر غنيمة يتم تقاسمها مستهترين بأحقية من سعى للحصول على هذه المنحة بجدارة.. 
 
أتذكر جيداً مقولة " من جدّ وجدّ ومن زرع حصد" وأخرى " من طلب العُلى سهر الليالي" التي كانت شعار التحفيز لكل مُعلم بذل جُهده نحونا لنسعى لتقديم الأفضل دوماً، ولكن للأسف تبين لي أن الواقع مختلف تماماً..
 
كل الذي أبحث عنه ومازلت اجتهد في الوصول إليه هي الفرصة المناسبة لاستطيع تقديم الأفضل لوطني والمجتمع والإنسانية، فلا يَخفى عليكم وضع الجامعات اليمنية وخاصةً الواقعة تحت سيطرة الحوثي في ظل هذه الحرب التي أتت وظلمت معها الإنسان اليمني بكل فئاته.
 
كُلي شوق لهواء صنعاء وساحل عدن وكل شبر في وطني 
لست وحدي من اشتاق فملايين القلوب تَحِن للعودة، ولكننا جميعاً قطعنا وعداً أن نعود حاملين معنا الخير لبلدنا مهما كانت المعاناة ، والصعوبات .
فجميل أن يموت الإنسان من أجل الوطن ولكن الأجمل أن يحيا لأجل هذا الوطن..