من يتابع المشهد القائم في عدن منذ ما بعد التحرير من مليشيا الحوثي, يجد ان هناك ممارسات غير مقبولة من قبل اطراف محسوبة على الشرعية , الا ان الشرعية لم تحرك ساكناً للحد منها وظلت تمارس عملها بصمت حيال ما يجري دون ايجاد الحلول , ونتيجة للتراكمات ما حصل مؤخراً من مواجهات بين قوات موالية للمجلس الانتقالي وقوات موالية للشرعية .
ولعل الوضع الحالي اكثر تعقيداً اكثر من أي وقت مضى , بعد مواجهات العاصمة المؤقتة عدن الذي تعتبر الارضية التي تنطلق منها الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس هادي , لكن ان تهتز هذه الارضية وتتحول الى طارده فهذه نكبة للشرعية اليمنية , الذي تواجه الانقلاب الحوثي في صنعاء وتقاتل في اكثر من جبهة مفتوحة , فهذا يشكل خطر كبير , وانتكاسة للتحالف العربي الذي يعتبر المساند للشرعية والواقف الى جانبها سياسيا وعسكرية , فمواجهات عدن وسيطرت الطرف المتمرد قد يضعف الشرعية وتضعها في زاوية حرجة امام المجتمع الدولي .
ونتيجة للتغافل الحكومي للتعامل مع المعطيات حينها ومعالجة المشاكل , وبناء ارضية على اساس متين في مؤسسات الجيش والامن , لكنها تركت تلك المؤسسات تبنى عل اساس سياسي ومناطقي وقبلي , وبناء مليشاوي بحت ولم تفكر عواقب ذلك مستقبلاً , حتى وقعت في فخ المواجهة مع اطراف محسوبة على الشرعية بعد ان اشتد ساعدها واصبحت تمتلك السلاح والمال والقوة , وبدت اطماع السلطة تستهويها .
كان لاعلام الشرعية ضلع في ما يجري فبدلاً من يكون اعلام توعوي وتهدئة وحب وسلام , أشعل الموقف عن طريق الشحن والتحريض طرف ضد اخر , وهذا كان جزء رئيسي في المشكلة , والسبب سيطرة طرف على توجيه سياسية اعلام الشرعية ووضعها في فخ المواجهة.
ما حدث في عدن ما كان له ان يحدث اذا تم تغليب العقل الحكمة , والتقاء الفرقاء , لكن التأجيج والتضخيم والشحن دفع الامور للمواجهة , وجزء من الفراغ الذي تركته الشرعية واعطاء فرصة للفساد للتربع في مفاصل الحكومة وهو ما اجج الشارع .
فخطأ انقلاب الانتقالي هو عدم التعامل في الاطار السياسي والحوار بعيداً عن العنف , فبناء الاوطان وتحقيق أي مشروع سياسي يأتي بالحوار لا العنف والمواجهات .لكن قد يكون هناك طرف شجع الانتقالي .
عدن خرجت من حرب وبحاجة الى التنمية والبناء وتحريك عمل المؤسسات لا التعطيل , والشرخ بين شركاء الشرعية لا يخدم سوى طرف الانقلاب الحوثي.
بعدما حصل كيف سيكون حال عدن اذا غادرت الحكومة من سيقوم بتسيير الاعمال , بعد المواجهات من سيدفع الرواتب , ومن سينظم عمل المؤسسات ومن سيلتقي بالمنظمات والجهات المحلية والدولية , باعتقادي ستدخل في فوضى وتصبح عدن مدينة اشباح متهالكة , يشعر القادم اليها بالخوف وبالذات بعد المواجهات الدامية .
صورة مؤلمة جداً نقلت عن عدن وصدمت الشرعية الذي كان ترى في عدن وابنائها السند لها , والتحالف وبقيادة السعودية هو الاخر شعر بإنتكاسة من خلال ما جرى وان كان جاداً سيتضح الموقف في الايام القادمة , وسيتعامل بحزم امام ما جرى وسيخضع تمرد الانتقالي ويعود به الى الصواب والعمل تحت مظلة الشرعية.
اذا نحن امام تطور خطير يسير بالبلد الى التمزق مجدداً , في ظل الاطماع والمصالح وحب الذات , الذي خلع فيه الكثير ثوب الوطنية .
نسأل من الله ان يجنب وطنا الصراع والتفتت ويحفظ اليمن وشعبة.
وان يرحم كل اليمنيين الذين قضوا نحبهم في احداث عدن الدامية.