2018/06/13
  • الحديدة.. لا صوت يعلو فوق صوت المعركة
  • على الطريق الرابط بين منطقتي الطائف والضبة بمديرية الدريهمي جنوب الحديدة، يزحف طابور طويل من عربات الدفع الرباعي نحو المدينة الساحلية على البحر الأحمر، وبينما كانت المصابيح الأمامية لهذه السيارات تضيء وتنطفئ كناية عن تبادل التحية، رفع مئات المقاتلين الذين يعتلونها شارات النصر بأيديهم.

    بسحنتهم السمراء، ظهر مقاتلون في «ألوية العمالقة» التابعة لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، و«المقاومة التهامية» الموالية لها بحماس كبير وكأن قيظ الصيف في الساحل الغربي لم ينل منهم، وهم يتوعدون بدحر مسلحي جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) من مدينة الحديدة، التي تمثل وميناءها عصب الحياة بالنسبة للحوثيين.


    وبلكنة أهل الساحل الغربي لليمن، يقول عرفات أحمد -وهو مقاتل في المقاومة التهامية- للجزيرة نت «لن نعيّد (نقضي إجازة العيد) إلا على ساحل الحديدة».


    ورغم التحذيرات الدولية من الثمن الإنساني للهجوم، أعلنت الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بقيادة السعودية والإمارات فجر اليوم الأربعاء بدء معركة «النصر الذهبي» وذلك «لتحرير» الحديدة ومينائها الاستراتيجي على ساحل البحر الأحمر.

     

    من محاور عدة
    وقبيل بدء المعركة، قال المتحدث باسم لواء العمالقة عبد الله عبد المجيد للجزيرة نت إن الهجوم على الحديدة سيكون من محاور عدة، مؤكدا أن المقاتلات الجوية التابعة للتحالف والقوات البحرية تعمل على إسناد عملية تقدم قوات الجيش اليمني والمقاومة.


    ووفق عبد المجيد فإن التحالف والحكومة اليمنية يسعيان لتقليل حجم الخسائر في صفوف المدنيين، وقال «لذلك نحن نتمنى أن يضغط المجتمع الدولي خلال الساعات القادمة على الحوثيين من أجل تسليم المدينة».


    لكن صوت المعركة غطى على التحذيرات التي صدرت من الأمم المتحدة ومنظماتها على مدى الأيام القليلة الماضية، فمنذ ساعات فجر اليوم الأربعاء شنت مقاتلات التحالف ضربات جوية عنيفة على مواقع الحوثيين في مناطق النخيلة ونقطة قضبة ومحطة المصلي، بحسب ما أكد القائد الميداني للجزيرة نت.

     

    خوف وترقب
    في مدينة الحديدة، تخيم حالة من الخوف والترقب لدى السكان المحليين الذين وجدوا أنفسهم بلا حيلة مع بدء الهجوم على مدينتهم التي تعيش على وقع المعارك المستمرة منذ ثلاثة أعوام.


    سكان محليون قالوا إن الحوثيين عادوا للانتشار مجددا في شوارع المدينة، وفرضوا عشرات الحواجز العسكرية في مداخلها، خصوصا المنفذ الجنوبي للمدينة القريب من مديرية الدريهمي.


    وشهدت المدينة خلال الأيام الماضية هدوءا حذرا، لكن المعارك عادت للاشتعال مجددا مع بدء الهجوم الذي انطلق فجر اليوم، وقال وزيرة الخارجية اليمني خالد اليماني «نحن على أبواب الحُديدة (..) المشروع الانقلابي ينهار».

     

    الحوثيون.. طوارئ واستنفار
    على جبهة الحوثيين، عمت حالة من الطوارئ والاستنفار لدى قواتهم الساعية لاستمرار السيطرة على ميناء الحديدة الذي يعتبر الأكبر في البلاد ويمثل شريان حياة لأغلبية السكان الذين يعيشون في مناطق تحت سيطرة الحوثيين.


    وحرص الحوثيون على الدفع بالعشرات من مقاتليهم إلى الساحل الغربي، وشوهدت مدرعات عسكرية حديثة تابعة لهم تتجول في شوارع المدينة التي يسكنها 415 ألف يمني، وفق آخر تعداد سكاني عام 2004.


    ومع بدء المعركة أعلن تلفزيون المسيرة الناطق باسم الحوثيين أن قواتهم قصفت بصاروخين بارجة تابعة للتحالف العربي الذي لم يعلق على هذه الأنباء، كما حذر محمد علي الحوثي أحد زعماء الحوثيين التحالف من مهاجمة الميناء، إذ سبق له أن هدد بشن هجمات على ناقلات نفط في ممر الشحن الاستراتيجي بالبحر الأحمر.


    وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية في حكومة الحوثيين -غير المعترف بها- إن التصعيد العسكري للتحالف والقوات الحكومية «سيقابل بصمود وبسالة من الجيش واللجان الشعبية في إطار الدفاع عن الأراضي اليمنية ومواجهة تحالف العدوان».

     

    تحذيرات دولية
    وتزايدت تحذيرات من الأمم المتحدة وجهات دولية أخرى من الهجوم على المدينة التي يمر عبر مينائها 80% من واردات البلاد الغذائية والمساعدات الإغاثية المقدمة لليمنيين الذين يعيش 6 ملايين شخص منهم على حافة المجاعة.


    لكن الأحداث تصاعدت مجددا «مع التراخي الدولي وبالتزامن مع الضغط الذي مارسته الحكومة اليمنية والتحالف العربي عبر أدواتهما الدبلوماسية»، حسبما أفاد مصدر حكومي يمني للجزيرة نت.


    أمس الثلاثاء، وصل السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر إلى مدينة مأرب شرق العاصمة صنعاء، في زيارة هي الأولى للسفير لليمن منذ اندلاع الحرب في البلاد مطلع العام 2015.


    وحسب مصدر عسكري حكومي، فإن تولر التقى بمحافظ مأرب سلطان العرادة وقادة المناطق العسكرية في القوات الحكومية بمعسكر التحالف، وعقد مع العسكريين اجتماعا مغلقا استمر ساعتين.


    ولم يورد المصدر تفاصيل الاجتماع، لكنه قال إن الهجوم على الحديدة كان مطروحا على طاولة الاجتماع، خصوصا بعد أن أوردت صحيفة وول ستريت جورنال أن الإمارات ناشدت واشنطن دعم الهجوم على المدينة بالضربات الجوية التي تشنها عبر طائرات مسيرة. 

     

    ضوء أخضر
    ورغم أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لم تعط ضوءا أخضر لبدء الهجوم على الحديدة فإنها لن تعترض عليه، حسبما يقول الباحث الزائر بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية آدم بارون، وقال بارون للجزيرة نت «إنهم يعترضون لكن ذلك ليس كافيا لوقف عملية التحالف».


    وأضاف «مهلة التحالف للأمم المتحدة من أجل إقناع الحوثيين بتسليم المدينة انتهت»، مشيرا إلى أن المعركة «تعد فرصة لإعادة تصميم خريطة حرب اليمن».


    غير أن معالم هذه الخريطة ستكون مختلفة بحسب بارون، الذي أشار إلى أن الأسئلة ستبقى مطروحة عن شكل المعركة الحالية في الحديدة، وهل ستكون طويلة المدى؟ وما هي كمية الدمار الذي سيحصل في المدينة والميناء؟ والأهم كيف سيتعامل حلفاء الحوثيين مع المعركة؟


    وتأخذ معركة الحديدة أهميتها من الموقع الاستراتيجي للمدينة والميناء، إضافة لكون المعركة فيها هي الأطول والأكبر على مدينة محصنة منذ اندلاع الحرب في مارس/آذار 2015.


    وفي حال خسارة الحوثيين معركة الحديدة فإن ذلك سيجعلهم محاصرين في العاصمة صنعاء المجاورة لها، كما ستفقد الجماعة التي تسيطر على البلاد أحد أهم أذرعها الاقتصادية، لكن الأسئلة تبقى عن الثمن الإنساني لهذه المعركة، بعد أن عمقت حرب اليمن جراح بلاد ظل اسم «السعيد» قرينا لها على مدى الزمن.

     

    تم طباعة هذه الخبر من موقع اليمن السعيد www.yemensaeed.com - رابط الخبر: : http://yemensaeed.com/news116329.html